قل ما بدا لك يا بني و لا تخف

نعيش في عصر إختلط به الحابل بالنابل
وتشتت فيه الأفكار وكثرت به الإدعاءات
وإرتكبت به الجرائم والأفعال بدعوي حرية الرأي
وأٌستغل الهدف الأسمي للفكر والعقلانية
وأصبح حجة يتغني بها كل جاهل وغبي ومٌغرض
........
وبحثا عن طوق نجاة
نخوض معركتنا العقلية
ننهل من تجارب الأخرين
ونتعلم من تجاربنا
نشكل أفكارناووجهة نظرنا في الأمور
ونكون شخصيتنا علي هذا الأساس
ونصبح أصحاب فكر
..........
قد نقترب من الصواب ولكن
قد ياخذ التشدد والتنطع للبعد عن الحق
وإزدراء الأخرين من مخالفينافي الرأي
قد يصيبنا تشددنا بالعمي
فنهدم بأيدينا ما نعتقد أننا نبنيه
معتبرين أنفسنا أوصياء علي عقول الأخرين
..
وقد نبتعد عن الحق
ويطيح بنا الإنحلال لبحور من الضياع
ونتوهم كمال عقولنا وفكرنا
ونعلو بأنفسنا فوق كل نقد
وتأخذنا العزة ويتلاعب بنا الغرور
فنتوه .. ونتوهم الحق في الضلال
فنخدع بحرية الفكر ونتعدي حد الأخر معتدين
ولا نرحب بأي صاحب عقل غير من أتفق معنا
ونقصر الإبداع والرأي علي ذاتنا
..
وقد نصبح عبيدا لفكر الأخرين
نتوجهم ألهة للوجدان والعقل
لايقولون إلا صوابا
نصدقهم بلا تبرير ولا تفكير
نلغي عقولنا ليفكروا هم ويملوا علينا لننفذ
وكأنهم ليسوا بشرا مثلنا
..
وقد يضيق بنا الحال

ولا نرضي أن نكون من الثلاثة حالات السابقة
ونمتنع عن الكلام
ونصمت طويلا وإلي الأبد
خوفا من الخطأ

وفقدانا للثقة في قدرتنا
وحزنا علي حال الدنيا
فقد ضاع فيها الحق
..........
ونقف في لحظة صدق نتساءل
أين الصواب
..
وسيكون العقل هو الجواب
فلا متبوع ينفع تابعه إلا في الحق
ولا فضل لإنسان علي إنسان إلا بالحق
خلقنا جميعا سواسية
..........
إن الفكر و الرأي نعمة من نعم الله علي الإنسان
ميزه به المولي عز وجل ليتدبر ويتفكر
وأعطاه الفرصة كاملة في حريته للإختيار
من حرية رأيه لحرية عقيدته
..
وعليه

كن وسطا متسامحا
فقد أصبح الفكر مسؤلية الفرد حامله
به يحاسب وبه يعاقب وبه يكافأ
فلن تجد مبررا واحدا لأحد ليحجر علي فكر أخر
حتي لو كان داعيا إلي حق
فلا دعوة للحق بالهدم
بل الدعوة بالبناء و العقل والحوار
ومواجهة فكر بفكر

...

كن إنسانا يفكر بعقله ولايعلو علي أحد
فلن تجد مبررا لأحد أن يعلو بفكره فوق النقد
فلا هو إله ولا رسول بل هو بشر
يخطئ ويصيب
وناقديه بشر..يصيبوا ويخطئوا
ولا يكتمل فكر إلا بنقد
ولن تجد مبررا لعاقل أن يتخطي حدود الأخرين
فلا هي حرية فكر بل سفه
وهمجية وغباء وجهل وتخلف
ولن تجد عاقلا يفكر يري حقا في ضلال

...

وكن أنت عقلا وفكرا
فلن تجد أبدا مبررا لمن باع عقله وأصبح قردا
أو بغبغانا يردد بلا فهم
لن تجد مبررا لمن تخلي عن أمانة الله وميزته للبشر
وأصبح كالأنعام يقتدي بلا أن يفكر
أصبح تابعا غير مأسوف عليه
يركب بساط هواه تارة يمينا يسبح
وتارة شمالا يسبح
لا فكر ولا رأي بل إمعة
...
يقول الشاعر في التسامح والوسطية
وأوفِ ولا تستـوفِ حـقَّــك كلَّه
وصـافح فلم يستـوفِ قطُّ كريمُ
**
ولا تغلُ في شيء من الأمر واقتصد
كلا طرفي قصـد الأمـور ذميمُ
...
يقول الله عز وجل
قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالاً
الذين ضل سعيهم فى الحياة الدنيا
وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا
صدق الله ومن أصدق من الله قيلا
...
يقول المصطفي
لا تكونوا إمعة تقولون إن أحسن الناس أحسنا
وإن أساءوا أسأنا ولكن وطنوا أنفسكم
إن أحسنوا أن تحسنوا وإن أساءوا أن لا تظلموا
صدق صلي الله عليه وسلم
...
وأنظروا إلي قول علي رضي الله عنه
إن هذه القلوب أوعية فخيرها
أوعاها للخير والناس ثلاثة
فعالم رباني، ومتعلم على سبيل نجاة
وهمج رعاع أتباع كل ناعق
لم يستضيئوا بنور العلم

ولم يلجؤوا إلى ركن وثيق
أفٍ لحامل حق لا بصيرة له ينقدح الشك في قلبه
بأول عارض من شبهة لا يدري أين الحق
إن قال أخطأ وإن أخطأ لم يدر
مشغوف بما لا يدري حقيقته

فهو فتنة لمن افتتن به
وإن الخير كله من عرفه الله دينه
وكفى بالمرء جهلاً أن لا يعرف دينه
...
وأمامن يخاف من قول رأيه

خوفامن وقوعه في الخطأ
أو فقدان ثقة في الناس

أو إقتناعا بكثرة الزيف والخداع

فلا أراه محقا فرأيه الخطأ أمانة

كرأيه الصواب
فلتقل رأيك مادام نابعا من عقلك
فلتقل رأيك راجياالصواب والحق
أخطئ و عد وأعتذر
تعلم
كن اليوم تلميذا تكن غدا معلما
إهدم بنيان الخوف في قلبك بخطئك
وإبني بنيان الثقة بإعتذارك

...
وأخيرا
أهديكم كلام الرائع فاروق جويدة

قد علموني الخوف يا ولدي
وقالوا.. إن في الخوف النجاة
إن الصلاة .. هي الصلاة
إن السؤال جريمة لا تعصي يا ولدي الإله
عشرون عاما يا بني دفنتها
وكأنها شبح توارى في المساء
ضاعت سنين العمر يا ولدي هباء
والعمر علمني الكثير
أن أدفن الآهات في صدري و أمضي..كالضرير
ألا أفكر في المصير
قل ما بدا لك يا بني و لا تخف
فالخوف مقبرة الحياة
من أجل صبح تشرق الأيام في أرجائه
من أجل عمر ماتت الأحلام في أحشائه
قل ما بدا لك يا بني
حتى يعود الحب يملأ بيتنا
حتى نلملم بالأمان جراحنا
لا تتركوا الغد في فؤادي يحترق
لا تجعلوا صوت الأماني يختنق

..

الجزء الخامس .. ويتبع