صراع مع .. فكري

حدث بالأمس أن كنت في صراع مع فكري .. تاااني
و فكري الذي لا تعرفونه .. هو صديقي اللدود

تماما كأني أقف أمام المرايا
مجهول في ناحية .. وفكري عكسها .. وكلانا ينظر للأخر بحنق

فكري عكسي تماما
بدءا بالهيافات وإنتهاء بالأراء القيّمة ووجهات النظر , فلم أتفق معه يوما علي شيء تقريبا والحمد لله
وكل مرة تنتهي كما بدأت .. هدنة مؤقتة وإلي لقاء أخر , وفي اللقاء الأخر نفتح .. صفحة جديدة
وصفحة ووراها صفحة ويخلص الكشكول , ونجيب كشكول جديد وهكذا دواليك

من فترة ليست بالقليلة أنعم الله عليّ بحياة خالية تقريبا من .. فكري
فقد سافر أخونا فكري ولم اعد ألقاه وخلي الجانب الأخر في المرايا
إلا من مناوشات هاتفية أو أحاديث كتابية يمكننا إنهاؤها في أي وقت والتحجج بسوء الإتصال

كنت كثيرا أجلس أفكر في .. فكري
لماذا هو عكسي دوما ؟ أو ربما لماذا أنا عكسه؟ , فقد إختلفنا في كل شيء

بدءا من زمالك وأهلي
فهو اهلاوي متعصب مغرور متعالي من وجهة نظري
وأنا زملكاوي يعيش أوهام المؤامرة ووساوس الظلم المدبّر من وجهة نظره

وأيضا الذوق في الطعام والشراب
أنا لا أحب تناول السمك ومنتجات أعالي البحر كثيرا
هو سبب رئيسي من أسباب نضوب الثروة السمكية
أنا من محبي الشاي الأخضر
وأخوكم فكري ... بلاش أقولكم بيقول إيه علي الشاي الأخضر

قس علي ذلك كل شيء
الرياضة المفضلة لكل منا
أراؤنا في الفن والمسرح والسينما
أراؤنا السياسية والإقتصادية وحتي نظرتنا للتاريخ
ووجهات نظرنا في القضايا العامة حولنا
حتي الإختلاف النفسي كان موجودا بيننا
فمثلا أنا أعشق المطر لحظة نزوله وهو مصاب بالمطروفوبيا
حتي الإختلاف في طريقة الحياة وتناولها

وأضف لذلك كم القلق والحيرة والإنفعال الذي يضعني فيه بعناده
وكم الضغط النفسي حين لا أجد مفرا من فتح صفحة جديدة لموضوع جديد وإختلاف جديد
فصديقي اللدود فكري سيكون أحد الأسباب المنطقية لإصابتي بالضغط والسكر والشلل الرعاش

بعد كل هذا وأكثر
نعم يوجد أكثر بكثير وكثير مما ذكرت

بعد كل هذا وأكثر لماذا أفكر في فكري وأشتاق إليه
وليس هناك شيء ولو تافها يجمعنا
سؤال وجيه .. صح
.....
فلاش باك
منذ عامين جمعنا مكان ما .. مجهول وفكري
وكنت مصرّ أن ابتعد تماما عن أي موضوع للجدل والنقاش أيا كان تافها أو دسما

فقد كنت أحس بوخز في الجانب الأيسر لصدري من الإرهاق طوال اليوم , ولكن مع فكري ونقاشه سيتحول الإرهاق بالطبع إلي .. ذبحة صدرية

خدنا الكلام وأفقت في النهاية لأجد نفسي في قلب النقاش
عن القراءة فوائدها ومضارها

أي نعم .. هناك من وجهة نظري مضار للقراءة
وهي متمثلة في أخي اللدود فكري .. من وجهة نظري
فصاحبنا يعد من مساويء التعليم والقراءة والكتابة ومشروع نحو الأمية
فعندما يقرأ كتابا به فكرا أو وجهة نظر يقتنع بها تماما
وبمجرد أن يقرأ الكتاب يقتنع تماما ويسلم تسليما أن صاحب الفكرة
بيقول كلام زي الفل
دون أن يكلف نفسه في البحث عن وجهة نظر أخري
ويقارن بنفسه أيهما أقرب للصواب والحق
وكثيرا ما يشغل باله وعقله وتفكيره بأفكار بالية
وخرافات وكتابات لا تودي ولا تجيب
ولا يأتي من ورائها طائل غير البلبلة والتخبط

وبالطبع قلت وجهة نظري بدون ذكر أسماء منعا للتجريح
وإنتظرت الذبحة الصدرية .. من فكري
صمت فكري كثيرا قبل أن ينطق ... أتفق معاك

سبحان الله .. لم أسمعها في حياتي منه إلا هذه المرة

وأتبعها بقوله
والحمد لله أنا مش كده خالص .. أنا من أنصار الرأي والرأي الأخر

أأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأه
...........
عودة لسؤالي وإجابته
كثيرا نحتاج في حياتنا أمثال فكري .. الصورة العكسية
وجهة النظر الأخري حتي لو كانت قاسية
إكتشفت الأن سر إشتياقي لجلسات فكري

فأنا لست ملاكا بأجنحة وكثيرا أعاند وأتشبث بوجهة نظري , وأتبني موقف وأظل أدافع عنه
غالبا يكن فكري في الجبهة الأخري المضادة
إذن فهو فعلا صورتي العكسية
تلك المرايا التي تكشف لي عيوبي دون أن يتعمد , وربما أنا أيضا له كذلك
أراه عنيدا .. وهو بين نفسه يراني كذلك

ولكن في فترة النقاهة التي خلت .. من فكري
أحسست بملل الحياة علي وتيرة واحدة وأحسست بنقص شديد في صفوف المعارضة
فكما أشرت برأيي في القراءة ووجوب تنوعها بين الرأي والرأي الأخر , يمكننا أن نتبع نفس المبدأ في الأصدقاء والمحيطين بنا

بالطبع الأخلاق والصفات الحميدة هي أساس للإختيار , وتكن بعدها نعمة تنوع الأشخاص حولك
لا أعني هنا أن يكن التنوع دائما لدرجة .. عناد فكري
لكنك تحتاج لوقت أن تقف أمام مراية تعكس كل شيء فيك أمامك ,تحتاج لمن يقف علي الجبهة الأخري يقل .. لست أتفق معك
تخيل لو كنت من محبي حديث المرايا
وهو ليس دربا من جنون , أن تجد مرايا ناطقة تري فيها صورتك العكسية

فالضد يظهر حسنه الضد
وللحق .. كثيرا تعلمت منه وأخذت عنه , وهو أيضا كثيرا تعلم مني وأخذ عني
لكنه العناد المتبادل بين بني البشر يمنعنا من الإعتراف , والحب أيضا الموجود داخلنا رغم إختلافنا يمنعنا من الإفتراق
حقا .. إنها تركيبة إبن أدم العجيبة
............
وبالأمس
كان لقائي مع صديقي اللدود بعد غيبته الطويلة , خدنا الكلام كالعادة لكني إستفقت مبكرا
قلت بصوت عالي .. لا يا عم مش لاعب تاني , ضحك كعادته وطلب فتح صفحة جديدة
وأكتملت .. صورة المرايا

...................................

كل عام وأنتم بخير بقرب حلول شهر رمضان المعظم

أعاده الله علينا جميعا بالخير واليمن والبركات

اللهم بلغنا رمضان ووفقنا إلي ما تحبه وترضاه